الحشاشون
فاطمة عبد الموجود
ظهرت كلمة حشاشون لأول مرة في سجلات الصليبين،
كانت تعني فرقة إسلامية غريبة في الشرق ، استخدم القس "وليم أوف ريبروك"
كلمة"muliech وهي تحوير لكلمة ملحد
بالعربية، وذلك للدلالة على الفرقة الدينية المنحرفة -الإسماعيلية- التي ينتمى لها
الحشاشون ، ويتزعمهم شخصية غامضة تعرف بـ "شيخ الجبل" ، ويلقبونه
بالأكبر ، كان يأخذ أبناء الفلاحين منذ طفولتهم المبكرة إلى أن يصبحوا فرساناً
وجنوداً يطيعون أوامره ، فهو في نظرهم المسيطر على الآلهة وسيهبهم الفردوس ، وهي
عبارة عن وادي بين جبلين ، حوله إلى حديقة كبيرة فيحاء ، وملأها بكل أنواع الفاكهة
، وحفر بها الأنهار ، وأقام فيها القصور والمقصورات ، وتقوم فاتنات من أجمل نساء
العالم على خدمة الحديقة ومن يدخلها ، أيضاً أطلق الغرب كلمة "الحشاشون"
على هذه الطائفة ، ومنها أتت الكلمة الفرنسية assassin وتعني الذي يقتل خلسة أو غدراً
، وهدفه التعصب والجشع.
وفي وصف المصاعب والمخاطر التي سيقابلها جيش
الملك فيليب السادس ملك فرنسا ، وذلك قبل القيام بحملاته الصليبية قال بروكاردوس -قس
ألماني- : "اذكر الحشاشين الذين ينبغي أن يلعنهم الإنسان ويتفاداهم ، إنهم
يبيعون أنفسهم ، ويتعطشون للدماء البشرية ، ويقتلون الأبرياء مقابل أجر ، ولا
يلقون اعتباراً للحياة أو النجاة ، وهم يغيرون مظهرهم كالشياطين التي تتحول إلى
ملائكة من نور.."
وضرب المثل بولائهم وطاعتهم العمياء لسيدهم في
كثير من أبيات الشعر الفرنسي ، فيقول أحدهم لوصف ما في نفسه لحبيبته:
"أنا حشاشك الذي يتمنى أن يحظى بفردوسك ، عن
طريق تنفيذ أوامرك" ، "أنت تسيطرين علي بسحرك أكثر مما يسيطر الشيخ على
حشاشيه الذين يذهبون لقتل أعدائه الفانين".
ومؤسس هذة الطائفة "حسن الصباح" ، ولد
في معقل الشيعة الإثنى عشرية ، ثم انتقلت عائلته إلي الري -مدينة إيرانية- وتعد
مركز لنشاطات الإسماعيلية ، اتخذ طريق الإسماعيلية الفاطمية وعمره ١٧
سنة ، بدأ "حسن الصباح": دعوته وتنقلاته داخل
إيران مستكشفا لمدة تسع سنوات ، وكان يتفادى المدن في تنقلاته ويفضل التنقل عبر
الصحراء ، حفاظاً على حياته ، ودعوته الوليدة ، اتخد قلعة "ألموت" قاعدة
لنشر أفكاره ، ومعنى ألموت(ألوه أموت) ، وهو عش النسر ، بقى فيها بقية حياته ولم
يخرج منها لمدة ٣٥سنة حتى وفاته.
بدأ العنف الإسماعيلي في مدينة صغيرة تسمى"سافا"
، على مسافة من "الري" وذلك قبل الاستيلاء على قلعة "ألموت" ،
والذي حدث أن جماعة صغيرة من ثمان أشخاص من الاثنى عشرية تجمعوا وكان لقائهم الأول
للقيام بصلوات مختلفة ، فاعتقلتهم الشرطة ثم أطلقت سراحهم بعد ذلك ، ولكنهم ظلوا
في محاولاتهم لتجنيد إمام "سافا" ، وعندما رفض الرجل قتلوه حتى لا يشى
بهم للسلطات ، وكان ذلك أول ضحاياهم ؛ بلغ الحدث آذان وزير نظام الملك فأصدر
أوامره بقتل زعيم تلك الجماعة ، وهو نجار يدعى طاهر تقلد العديد من المناصب
الدينية ، أعدم طاهر وسحلت جثته في ساحات الأسواق ليكون عبرة ، وكان أول إسماعيلي
يعدم..
بعد ذلك توالى القتل خلسة واستمر الإعدام علناً ،
وكل فريق يرى أفعاله صواب وأقواله قرآن ، في حين أن كلا الطرفين لا يعمل لتحقيق
أهداف سامية ، ولكن ذلك الادعاء لابتغاء السلطة والسطوة ، لا لنصرة دين أو فكرة
منبثقة عنه ولا لتحقيق أمن.
0 comments:
Post a Comment