عُطلتِي هَوِيّتِي

عُطلتِي هَوِيّتِي

نعمة آل موسى

إذا تحدثنا عن التاريخ حسب المساق الأبسط وصولاً للأذهان .. فسيكون هو تلك الأحداث التي تصنعها وتعيشها أمم وحضارات خَلت قبلنا على جميع الأصعدة والمجالات ، تستقبلها أمم وحضارات أخرى بالإسترجاع ، الدراسة ، التأمل ، العظة والاستفادة أيضاً ..
وبناءًا عليه كنا أمماّ جماعات أو فرادى فكلاً منا يستطيع أن يصنع لذاته تاريخاً من الأحداث يخصه يتمتع بآنيتها في وقتها وبذكراها وإيجابيتها وسلبياتها ولربما تبعاتها في المستقبل ؛ وعلى هامش السيناريو ولربما في صلبه لا بد من وجود عناصر مادية ومعنوية وبشرية تشارك في صناعة الأحداث الخاصة بكل فرد ..
وأهم الأحداث التي نحن على أعتاب صناعتها والمساهمة في دائرة رحاها كأمهات: (العطلة الصيفية) ، لا عجب أنها وإن أنصفناها ذلك التاريخ الأوسع والأصدق والأحب مساحة في حياتنا حين كنا صغاراً بل وهي الصبغة الأساسية التي لونت وشكلت شخصية كل صغير على حسب ما صنع فيها وقضى نزولاً على رغبته الشخصية أو توجيهات والديه أو ظروفه الأسرية عامة.
صغارنا .. تحت وطأة منظومة تعليمية لا يحسدون عليها وضغوط بدنية يومية وتوعية دينية ليست على قائمة اهتمامات وزارة التربية والتعليم أو دفاتر مواعيد الوالدين وإعلام يشهد له ذوي الألباب بالفساد.
ضحايا صغار لزمن يسابق أعمارهم في حصاد الخير والنفع ، فإما تمر أعمارهم هباءًا دون إيجاد مساحة للنفع ليتكون في داخل كل منهم إنسانًا ذو أثر في دينه ونفسه ومجتمعه وفي المستقبل، راعي أسرة صالح ومسؤول ؛ أو تمر بالإهمال واللامبالة لثروة الوقت والعافية منتجة كائنًا هلاميًا ضره أضعاف خيره .. عبئًا على نفسه وأمته.
سيكبر صغارنا يومًا بمشيئة الله ويبدأون في تلمس أرواحهم وملامح تكوينهم بأياديهم ليترجموا أزمنتهم التي عاشوها ويروون تفاصيل تاريخهم، خاصة التاريخ الحر منها لأبنائهم ، ويعرضونه كخرائط ممنهجة ، ولن يجدوا أجمل من تاريخ العطلة الصيفية التي تمثل أجزاء هويتهم على مدى العمر ليستقوا منها علامات على طريق الجيل الذي يليهم.
فالأسرة التي كانت مثلاً تهتم بتقسيم العطلة ، ما بين مقرأة القرآن وممارسة الرياضة البدنية سنجد مثلاً على سبيل المثال لا التخصيص إتزاناً نفسياً وبدنياً في ذكورها وحباً للنشاط ونقاءاً روحيا يتجلى في مرحلة الشباب خاصة .. وهؤلاء الأمهات اللواتي يولين فتياتهن اهتماماً بالأعمال الحرفية واليدوية أو الطبخ أو الفنون يضممن تحت أجنحتهن جيلاً من الجميلات الواعيات منطلقات الأفق ، خاصة في المجالات العملية فهن لا يعتمدن فقط على مهنة الدراسة بل يكبرن على حرفة يحببنها لربما كانت بداية مشوارهن في عالم التجارة.
الحرفة سند للفتاة لربما ألجأتها الأقدار للإتكاء عليها لتعيل أسرتها يوماً فتتقي شر العوز .. والروح النقية والبدن والعقل السليمين والقلب الحافظ لكتاب الله ، مؤهلاً بشرياً لرجل أهلاً لخوض الحياة وتحمل مسؤولياتها .. وهذا لا يعني أن القرآن والرياضة ، الحرف والقراءة وشتى أنواع الأنشطة والمهارات والفنون والآداب ومناهج تطوير الإنسان حكراً على جنس دون آخر ولكن زبدة القول أن كل ما سبق ذكره من عناصر هي خطوط أساسية في مساحة صيفية نتنسم حضورها وإقبالها علينا لنخطط لأبنائنا وفلذات أكبادنا هوية سويّة.


Share on Google Plus

About Unknown

0 comments:

Post a Comment