حكايات الدمشقي


حكايات الدمشقي

أحمد عبد النبي

-         مؤخراً انتشر جداً أكتر من منشور (post) على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بيتكلموا عن فكرة واحدة، فكرة ضرب المثال بكفاح واجتهاد بعض الإخوة السوريين اللاجئين لمصر وازاي قدروا في وقت قياسي انهم يعملوا مشاريع كتير ويشتغلوا في أكتر من وظيفة، وازاى قدروا بإصرارهم وعدم رفضهم لأي نوع من أنواع الشغل مهما كانت انهم يوجهوا –وفقاً لآراء أصحاب المنشوارت دي- صفعة للتكاسل بتاع الشباب المصري، ويفضحوا ان البطالة في مصر ما هي إلا بطالة عقول وعزيمة –وفقاً لتعبيراتهم بردو- .
-         بعد فترة ابتدت تنتشر مواضيع تانية عن تفكير بعض الشباب بره الصندوق وبحثهم عن النجاح بنفسهم، وازاي ماهتموش بنظرة المجتمع وشقوا طريقهم الخاص في المشروعات الصغيرة، ومانتظروش فرصة عمل مش هتيجي وعملوا ظروف المجتمع شماعة عشان يعلقوا عليها تكاسلهم، ونماذج كتير منها اللي محدش يعرف أصله زي البطاطا بالنوتيلا، ومنها اللي طلع بعد فترة "فريسكا".
-         النهارده عاوز ابص للموضوع من وجهة نظر مختلفة شوية .. هل فعلاً الكلام ده صحيح؟ هل طبيعي إن الشباب يبتدوا يدوروا على مشاريعهم بنفسهم ويشتغلوا في أي شغلانة بغض النظر عن تعليمهم أو مجال دراستهم؟ هل اللي مش بيعمل كده وبيفضل يستنى فرصة للشغل في مجال دراسته مخطئ أو مقصر؟
الاجابة ببساطة هي لأ .. ليه لأ؟
-         لو بصينا على وضع الإخوة السوريين –اللي بكنلهم كل احترام وتقدير- هنلاقي إن في 3 نماذج من اللاجئين هم الأكثر انتشاراً:
§       النوع الأول: هو شخص ثري أو ميسور الحال بشكل ملحوظ وقدر إنه يخرج بفلوسه كلها، أو جزء كبير منها، ولما وصل واستقر استغل فلوسه في إنه يفتح مشروع خاص بيه –مطعم غالباً- ويبتدى يستثمر ويكون ده مصدر دخل ليه.
§       النوع الثاني: هو واحد قدر يخرج بجزء يسير من الأموال سمحله بالكاد إنه يلاقي مكان يعيش فيه لحد ما يدور على وظيفة مناسبة –لو كان خرج بأوراقه-  أو يبدأ يعمل مشروع بسيط زي تفصيل الهدوم وبيع المأكولات الخفيفة والحاجات دي.
§       النوع التالت: هم الأكثر بؤساً اللي للأسف خرجوا من غير أي أموال وبالتالي كانوا الأسوأ حالاً، ودول غالباً بيشتغلوا أي شغلانة، في ورش .. أو باعة جائلين .. أو بيشتغلوا في المشاريع اللي افتتحها النوع الأول.
-         الثلاث أنواع دول القاسم المشترك اللي بينهم هي ظروفهم، إنهم خرجوا من بلادهم مجبرين في ظروف حرب، فكان عندهم استعداد وقابيلة للتعامل مع كل الظروف، أو بمعنى آخر مكانش عندهم ترف الاختيار ..
طيب هل الشباب المصري اللي قاعد مش بيشتغل ومستني إنه يلاقي فرصة مناسبة للتعليم اللي اتعلمه هو اللي عنده ترف الاختيار؟ بردو  لأ .. لكن الفرق هنا إن الشاب ده مفيش حاجة تجبره إنه يتعامل معاملة اللاجيء وهو لسه في ما يفترض إنه بلده .. مفيش سبب يخليه يتنازل عن طموحه وأحلامه ودراسته وسنين عمره وفلوس أهله صرفوها عليه عشان يشتغل أي شغلانة هو مش حاببها لمجرد إنه يلاقي مصدر للدخل أو للعيشة الكريمة.
مفيش أي حاجة تمنع إن واحد يعمل مشروع خاص بيه بعيداً عن مجال دراسته، بشرط إنه يكون بيعمل حاجة هو فعلاً حابب يعملها وعاوز يعملها، مش بس بيحاول يهرب من اتهام المجتمع ليه بإنه فاشل أو متخاذل .. أنا شخصياً أعرف شباب –مهندسين ومحامين ومحاسبين- وعملوا مشاريع ملهاش أي علاقة بدراستهم، وناجحة جداً وبيحبوا شغلهم جداً .. بس ده مش مبرر عشان نطالب إن كل الشباب يعملوا كده بالإكراه .. لأن ده مش دورهم، ومش غلطتهم إنهم نشأوا في دولة مش بتوفر فرص عمل لشبابها .. أو دولة سمحتلهم بالتعلم في مجالات سوق العمل بتاعها مش محتاج للمجالات دي حالياً.

حباً بالله نفكر كويس قبل ما نروج لكلام احنا مش عارفين معناه أو أبعاده .. ونبطل نضغط على شباب ربنا أعلم بظروفهم واللي هم بيعانوه أساساً ومنزودوش احنا.
Share on Google Plus

About فريق العمل

0 comments:

Post a Comment