العلاقات قرار
د. إحسان الحق محمد
كان صاحبي في العمل متشائماً... كلما لقيته انهكني بالكلام عن الناس ...
وكان دائماً ما يفعل ذلك بحسن نية.
فلان يقول أنك وصلت إلى هذه المكانة صدفة .. ولا يعرف كم اجتهدت وتعبت.
فلانة تقول أنك متكبر لأنك من يومين لم تعرها اهتمامك حين وصلت.
فلان يطلب منك وهو يملك أكثر منك لأنه يراك ساذجاً.
كنت في أول الأمر أركز معه وأغير من سلوكي حتى لا يقولوا ما يقولونه
... لكن يبدو أن صاحبي قد استعذب الفكرة ... فكان يبدأ حديثه بقوله أتدري ما يقوله
عنك فلان؟ ... مؤكد ليس له حق في قوله ... أنسيَ ما كنت تفعله من أجله؟ ... هكذا هم
الناس في بلدتنا جبلوا على نكران الجميل ... هذا الذي كان يحبو بالأمس وكان يتمنى أن
تبتسم له، اليوم بعد أن قربته وأدنيته يقول من ورائك ما يقول !
مع هذه العبارات انزلقت في عالم حزين ... وبدأت أدخل في غربة قاتلة وفي
سوء ظن فظيع.
كنت أتحين الفرص لأثبت لهذا أني لست كما يظن بي، وأخرى لأنتقم من ذاك
بالتجاهل أو التعالي، وثالث أمنعه النصيحة لما علمته من أنه قال عني شيئاً.
إلى يومنا هذا لا أدري أكان صاحبي صادقاً في جميع ما يقوله أم لا؛ كل
الذي أدريه أنني حين اتخذت قراري ألا أستمع إلى صاحبي هذا صرت أهدأ بالاً وأحسن حالاً.
مع الأيام أدركت أن نظرتنا لمن حولنا تنبع من داخلنا وأن صورة الآخرين
وسلوكهم في أذهاننا ليس له علاقة بالواقع.
وتعجبت حين سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى أصحابه أن يذكروا
إخوانهم أمامه بشيء، والأعجب أنه صلى الله عليه وسلم - وهو المعصوم - كان يخشى أن يتغير
قلبه تجاه أصحابه إذا بلغه عنهم شيئ فقال عليه الصلاة والسلام : "لا يبغلني أحد
من أصحابي عن أحد شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر".
0 comments:
Post a Comment