البعد الخامس لاستحواذ Microsoft على LinkedIn

البعد الخامس لاستحواذ Microsoft على LinkedIn

عبد الله النديم

تم بنجاح استحواذ عملاق التكنولوجيا ميكروسوفت Microsoft على موقع التواصل الاجتماعي المتخصص لينكد إن LinkedIn في صفقة قدرها 26.2 مليار دولار أمريكي، وهي الأكبر في تاريخ استحوذات الشركة، بعد استحواذهها على Skype بإجمالي 8 مليار دولار وNokia بإجمالي 6 مليار دولار.

يتشكك الكثيرون في القيمة المضافة التي قد تجنيها ميكروسوفت من جراء مثل هذا الاستحواذ، حيث لا يتوافق كثيراً مع منتجاتها الحالية، كما أن حجم مستخدمي الشبكة لا يتعدى الـ 433 مليون مستخدم فقط! وربما يكون معظمهم بالفعل من مستخدمي ميكروسوفت (1.2 مليار مستخدم) فما هي القيمة الحقيقية لمثل هذا الاستحواذ؟

تصنيف LinkedIn بأنه وسيلة لإيجاد الوظائف هو كتصنيف شركة Google على أنها موقع للبحث! فموقع التواصل يعتبر قاعدة بيانات ضخمة تضم معظم الموظفين في الشركات الكبيرة في العالم، و من ثم يحتفظ الموقع بكم ضخم من المعلومات المسموح بنشرها يسيل له لعاب شركات التكنولوجيا، لأنه باختصار سيحول من أي منتج عادي إلى منتج فائق الذكاء.

تحتاج شركة ميكروسوفت لمثل هذا الاستحواذ لتحقيق طفرة لتطبيقاتها وجعلها أكثر قدرةً على إنجاز الأعمال بشكل أسرع وأقوى، فلو كنت موظفاً في مجال التسويق على سبيل المثال، فبإمكانك بنقرات قليلة معرفة هيكل الشركة التي تريد تسويق منتجك إليها، وتستطيع ببساطة معرفة معلومات مهمة عن صناع القرار في الشركة، فقد يكون أحدههم زميلاً أو زميلاً لزميل في شركة عملت بها سابقاً، أو قد تجد في فرص التوظيف لدى تلك الشركة ما يساعدك على فهم استراتيجيتها أو مستوى نموها، وإلى آخر قائمة طويلة من الفوائد كلها ستكون متوفرة في مفكرة Outlook الخاصة بك، فتصيغ رسالة إليكترونية مناسبة لاحتياجاته في الحال، وتطلب منه مقابلة على الـSkype بالصوت والصورة ويتم التواصل في الحال؛ وبالرغم من كونه قد يكون في دولة أخرى تفصلك عنها آلاف الكيلومترات!

إن العالم يتغير وبسرعة يصعب ملاحقتها، وأصبحت المنتجات الفكرية هي الأعلى مردوداً بين جميع المنتجات، شركة LinkedIn أنشأت عام 2010، و في عام 2003 تم استخدام شركة Sequoia Capital لتمويل أنشطتها؛ والتي اشترت 5% من الشركة عام 2008 بـ 53 مليون دولار لترفع قيمة الشركة لمليار دولار في غضون ثمان سنوات فقط!

في 2010 انتقلت الشركة إلى دبلن- آيرلاندا وتم تقييم الشركة حينها مع استثمارات Tiger Global Management LLC بـ 2 مليار دولار!

عام 2011 تم ادراجها في بورصة نيويورك بسعر 45 دولار للسهم، وخلال عام وبسبب أرباحها ارتفع السهم حتى وصل لـ 112 دولار للسهم!

عام 2016 لم يكن عاماً جيداً للشركة، انخفضت قيمتها 43.6% في فبراير الماضي، بسعر السهم 108.38 دولار، حتى اشترتها ميكروسوفت منذ أيام على سعر 196 دولار للسهم وإجمالي 26.2 مليار دولار على شرط عدم المساس بعلامتها التجارية أو نموذج العمل أو تغير مديرها التنفيذي!

الشركة حققت في 2015 إجمالي 3 مليار دولار أرباح صافية، أي ما يعادل نصف دخل قناة السويس بعد إضافة القناة الجديدة!

ومتوقع لها المزيد بعد استحواذ ميكروسوفت، في حين مازالت عقولنا العربية تفكر في الثروات العظيمة التي في باطن الأرض وتلعن الظروف والأنظمة والحكام مروراً بالحظ والزمان والمكان، مازلنا نغفل تغير العالم تحت أقدامنا، وأن الثروة الحقيقية في عصر المعرفة هي ما ينتجه العقل البشري، بينما نهدره في شرح المشروح وتبرير المبرر وتكرار الشعارات البائدة، بينما لا يستمع هؤلاء لأطروحاتنا المكررة، فإنهم منشغلين عنها في صناعة المستقبل!