التوظيف والاختيار في الدين المختار


التوظيف والاختيار في الدين المختار
أحمد زكريا
تحدثنا في العدد السابق عن نشأة علم إدارة الموارد البشرية، وكيف أنه علم قديم حديث، حث عليه الإسلام منذ أكثر من 14 قرناً من الزمان، فبينّا كيف كرم الله خليفته في الأرض وكيف حثنا رسول الله على حسن معاملة من هم تحت أيدينا من العمال، ثم جاءت الثورة الصناعية في أوربا منذ قرنين من الزمان فكان من أهم نتائجها ظهور ما يعرف بعلم إدارة الموارد البشرية.
واليوم نتكلم عن أحد اهم مهام إدارة الموارد البشرية وهو "التوظيف والاختيار" فنجد أغلب الكيانات الاقتصادية العالمية تضع المعايير العلمية والعملية والاختبارات والمقابلات التي تضمن لها اختيار أفضل العناصر البشرية، إيمانا من تلك الكيانات بأهمية العنصر البشري وتأثيره في نجاحها واستمراريتها.
ولمّا كان الفشل والفساد يسيطر على أغلب مؤسسات القطاع العام "التابعة للدولة" في وطننا العربي لأن عملية اختيار العاملين فيها قائم على الرشوة والمحسوبية والقرابة والوساطة - إلا من رحم ربي-، بعكس ما يحدث في غالب الكيانات الاقتصادية العالمية الكبيرة والتي يكون الاختيار فيها قائم على ما يملكه العامل من مؤهلات علمية وخبرات عملية وسمات شخصية تؤهله لشغل الوظيفة الشاغرة.
وإذا بحثنا في ديننا الحنيف سنجد أن شريعة الإسلام تحث على حسن اختيار الأمراء والعمال والرسل، فأمرنا رب العزة ألا نحيد عن الحق في الاختيار لقرابة أو صداقة أو رشوة أو مذهب أو طريقة أو جنس، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
وحينما سأل أبو ذر رضي الله عنه الإمارة رفض رسول الله أن يعطيه إياها وقال له إنك ضعيف وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها.
وكذلك ما كان من المرأتين مع موسى عليه السلام لما قالت إحداهما لأبيها: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}.
وكذلك نجد رسول الله حينما أراد أن يختار أول سفير في الإسلام "مصعب ابن عمير رضي الله عنه فلم يكن اختياراً عبثيا، ولكنه اختار مصعب لتوافر شروط الوظيفة فيه، فكان مصعب من أعلم الصحابة، وكان يحفظ كل ما نزل من القرآن وكان يتصف باللباقة والكياسة والهدوء والصبر وسعة الصدر والحلم، ولمّا كان الاختيار سليماً كان النجاح حليفاً.
التاريخ الإسلامي مليئٌ بالكثير من الشواهد، والمواقف، والأخبار التي تؤكد أن سياسة الاختيار متى ما كانت سليمة كانت العاقبة أفضل والنتائج أحسن.
وقد قام الخلفاء الراشدون من بعد رسول الله يهتدون بهديه ويتأسون به، فعنوا باختيار الولاة والقادة والعمال والسفراء ممن عرفوا بالقوة والأمانة، حتى فتح الله على أيديهم القلوب والبلاد ، وأسهموا جميعاً في بناء حضارة إسلامية قوية.

فلو أننا طبقنا شرع ربنا وسنة نبينا وسنة خلفاءه من بعده في عملية اختيار العمال والموظفين، لنجحت جميع الكيانات الاقتصادية الإسلامية في تحقيق الأهداف والرؤى التي تطمح إليها والتي قامت من أجلها.
Share on Google Plus

About فريق العمل

0 comments:

Post a Comment